الأنباء بوست / حسن المولوع
لم يعد يونس امجاهد، أو كما يطلق عليه البعض تهكمًا في الكواليس “إسكوبار الصحافة”، بحاجة إلى تبرير وضعه؛ فقد تحول اليوم إلى أيقونة للتهريج الإعلامي في زمن باتت فيه السخرية تعبيرًا عن واقع مهني متدهور.
جلوسه في استوديوهات “شوف تيفي” لم يكن سوى حلقة جديدة في سلسلة من المسرحيات التي لا يجيد فيها سوى دور البطولة الجوفاء. نعم، لقد جلس في نفس المقعد الذي مر به جيل من المشاهير الذين جمعوا بين ضجيج الشهرة وفراغ المحتوى، مثل ولد الشينيوية وندى حسي وهيام سطار. ذلك المكان الذي استضاف خريجي وخريجات مدرسة الليل، المترفين بابتسامات زائفة؛ حيث كانت الحانة قبل الشاشة.
ظهر امجاهد ككاريكاتير حيّ؛ لم تكن كلماته سوى غطاء هش لمحاولة إخفاء ارتباك جلي. وجد نفسه مضطرًا للحديث عن “لا شيء” كمن يمسك عصا سحرية لتنظيم الفوضى، متجاهلًا أن من يدافع عنهم ليسوا سوى زينة معلقة على باب مفتوح للعبث.
ولنكن صرحاء، من يصدق أن يونس امجاهد، بطل التنظير الذي لا نهاية له، قد وقع في نفس الفخ الذي طالما تجنب الإشارة إليه؟ لقد تحول إلى مهرج يضحك على نكاته البالية في قاعة يغمرها الصمت. فامجاهد، الذي كان يتباهى بـ”شرف” المهنة، صار يمارس أساليب تذكرنا بدراما صباحية ركيكة: تصريحات خاوية، تأوهات تعظيم الذات، ومحاولات يائسة للهروب من الأسئلة الجوهرية.
تتجلى السخرية الكبرى في دفاعه المستميت عن “اللجوء إلى القضاء” كدليل على “الصحة المهنية”. أحقًا يا أمجاهد؟ وماذا عن “التنظيم الذاتي” الذي جعل من الصحافة أضحوكة أمام المحاكم؟ كان من المفترض أن يكون مجلس الصحافة منارة، لا ظلاً هشًا يتلاشى عند أول ضوء نقد.
وجاءت اللحظة الكوميدية حين تحدث امجاهد بفخر عن “59 مقاولة جديدة”، خضعت جميعها لتسلط البقالي واستغلال نفوذه بنظامه الخاص، باستثناء اثنتين فقط. فرد عليه المحاور بجملة لخصت المشهد: “وهاد الجوج هما لي منوضين هاد الروينة”. لا يعلم امجاهد أن هذين الاثنين الشجاعين كانا كافيين لكسر الصمت والابتعاد عن القطيع، ليواجها الطغيان الإعلامي بشجاعة. هذا التحدي أرهق امجاهد وزميله عبد الله البقالي، ووضعهما في موقف دفاعي، خشية انتقادات نسفت تاريخهما وألقت بظلال الشك على حاضرهما وهددت مستقبلهما المهني.
أما الحقيقة التي حاول امجاهد تمريرها خلف قناع التبجيل، فهي القضايا المثيرة: التقارير المالية المخفية؛ شقة باريس الفاخرة بقيمة 500 مليون سنتيم التي أشار إليها اليوتيوبر تحفة دون توضيح من امجاهد؛ ملكية فيلا المجلس ومن صاحبها، وكل ما يرتبط بتلك الصفقات. كل ذلك يعكس مستوى “الشفافية” التي يتحدث عنها بلسان يجهل المصداقية.
ولا ننسى السلوكيات التي كشفها اليوتيوبر “تحفة”، والتي أظهرت أن الحديث عن الأخلاقيات لم يكن سوى عباءة رقيقة تُخلع عند أول فرصة.
يونس امجاهد ليس مخلصًا للصحافة، بل جزء من دوامة جرّت القطاع إلى الفوضى. ومع رفيقه البقالي، يمثلان ثنائيًا أرسى قواعد الفشل المهني. عليهما أن يعترفا بأن الاعتزال أقل ضررًا من مواجهة الفضائح المقبلة. لكن ربما تظل تعويضات الرئاسة، والإمتيازات ، والمكاسب البراقة حائلًا أمام إقرارهما بأن الوقت قد حان للرحيل. لكن لنكن واضحين، نحن هنا، بالمرصاد.
شارك هذا المحتوى