
الأنباء بوست / حسن المولوع
منذ أيام، أصبح الوزير عبد الصمد قيوح، المنتمي لحزب الاستقلال، هدفا لحملة إعلامية مسيسة ومنظمة، هدفت إلى تشويه صورته وضرب حزب الاستقلال، في محاولة مكشوفة لتحويل أزمة فنية وإدارية إلى صراع سياسي مفتعل.
كل شيء بدأ بقرار قياس سرعة الدراجات النارية، الذي أثار ضجة كبيرة وسط المجتمع، واستغلته رئاسة الحكومة بقيادة عزيز أخنوش، المنتمي للتجمع الوطني للأحرار، لإصدار قرار الإلغاء على عجل، في خطوة اعتبرها العديد من المراقبين ضربة مباشرة لحزب الاستقلال واستهدافا شخصيا للوزير قيوح، بدل أن يكون القرار مجرد مسألة تنظيمية روتينية.
اللافت في المشهد هو الدور الخطير الذي لعبته منابر إعلامية محسوبة على لوبي الإعلام المرتبط بشركات الإعلان الخاصة بأخنوش وما جاوره ، حيث لم تكتف بالتهليل لرئيس الحكومة، بل شنت حملة شرسة على عبد الصمد قيوح وحزبه، في محاولة واضحة لتوظيف الإعلام كسلاح سياسي لضرب حزب الاستقلال، والتغطية على أي تجاوزات داخل الحكومة والأجهزة التنفيذية.
في هذا السياق، يظهر عبد الله البقالي، القيادي في حزب الاستقلال ورئيس النقابة الوطنية للصحافة سابقا، وعضو المجلس الوطني للصحافة واللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، في موقع اختبار حقيقي، إذ أن هذه هي فرصته لحماية حزبه من مناورات حزب يشكل معه الأغلبية الحكومية، وذلك عبر توجيه الفريق البرلماني لحزبه للوقوف ضد مشروع القانون المخالف للدستور الذي تعده الحكومة لإعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة، دون أن يظل صامتا، تاركا القانون يُمرّر على حساب استقلالية الصحافة ومصلحة حزبه. وها هي النتيجة تظهر: لوبي الإعلام يسيطر على القطاع بأكمله وعلى رسم السياسات.
فرصة البقالي اليوم تاريخية؛ فموقفه يمكن أن يسجل في تاريخ الصحافة المغربية كما سجل حضوره لجلسة محاكمة الصحافي حميد المهدوي، حيث وقف بلا تردد ضد التجاوزات القانونية والضغط السياسي وحضر الى المحكمة في وقت حساس وجد دقيق .
إن تجاهل البقالي هذه اللحظة سيكون خيانة لمبادئ الحزب ولحقوق الصحافيين المستقلين الذين يعانون من محاولات التضييق والتشويش الإعلامي المستمر.
السياسة الإعلامية والمالية للحكومة تتسم بالتحايل والتوظيف السياسي، فدعم جمعيات مهنية أصبح أداة لضمان صمت الصحافيين، كما تُمنح محاباة كاملة لجمعية اخرى ، التي تضم منابر مؤثرة ، تستخدمها لتلميع صورة بعض السياسيين وشن حملات ضد خصومهم السياسيين.
لا يقتصر الأمر على الاستغلال الإعلامي، فالمال العام يُستغل لضمان الولاء والسيطرة والمثال على ذلك هو الدعم الاستثنائي الذي تم منحه خلال جائحة كوفيد-19 ، دون نشر لائحة المستفيدين أو توضيح معايير الاختيار، ما يثير شبهة المحاباة والاختلال في توزيع الأموال العامة.
إن ما يحدث اليوم يمثل تهديدا مباشرا للممارسة الديمقراطية، واستقلالية الصحافة، ونزاهة مؤسسات الدولة، حيث أصبح المال العام أداة في يد سياسيين يخططون لتصفية الحسابات، واللوبي الإعلامي وسيلة لضمان الحماية. فالمواطن والمهنة والشفافية هم الضحايا الحقيقيون لهذه اللعبة السياسية.
إن موقف عبد الله البقالي اليوم يمكن أن يكون لحظة فاصلة؛ إما أن يثبت شجاعته ويقود حزبه للوقوف ضد مشروع القانون المخالف للدستور، وضد محاولات توظيف الإعلام والمال العام لضرب خصوم سياسيين، أو أن يترك الصحافة المستقلة وحزب الاستقلال يواجهان الحملات السياسية وحدهما، تاركا الباب مفتوحا أمام استغلال المال والنفوذ السياسي على حساب الحق العام.
الصحافة المغربية اليوم بحاجة إلى قيادة شجاعة وواضحة الموقف، لا إلى صمت سياسي متواطئ، ولا إلى لوبيات إعلامية تسيطر على الرأي العام. فموقف البقالي سيكون بمثابة الرسالة القوية لكل المسؤولين: حرية الصحافة ومبادئ الشفافية ليست شعارات جوفاء، بل خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها.

شارك هذا المحتوى