محمد زيان.. رجل دولة يهان وسط الدولة التي خدمها أيام زمان

الأنباء بوست / حسن المولوع 

بينما نترقب الاعلان الرسمي عن أعضاء الحكومة الجديدة ، ونشحن أنفسنا بشحنة كبيرة من الأمل و التفاؤل الذي يجعلنا نقول إن مغربا جديدا سيرى النور ، سياسيا ، اقتصاديا وحقوقيا ، حتى فوجئنا بقنوات اليوتيوب وهي تمطرنا بمشاهد أقل ما يقال عنها مأساوية ،وما زاد من مأساويتها هو التبريرات التي قدمت بشأنها .

الأمر هنا يتعلق بمكتب وزير حقوق الانسان الأسبق في عهد الحسن الثاني ، الأستاذ محمد زيان ، وهو محامي ونقيب سابق لهيئة المحامين ، حيث أن قوة جاءت لتنفيذ أحد الأحكام المتعلقة بإفراغ المكتب ، كانت القوة تستعمل معدات لتكسير أقفال الباب الذي تظهر عليه يافطة كبيرة مكتوب عليها “الأستاذ محمد زيان نقيب سابق لهيئة المحامين بالرباط ” ، ورغم وجود اليافطة استمر تكسير اقفال الباب والكاميرات ترصد كل صغيرة وكبيرة ، والظاهر أن الأستاذ زيان كان موجودا بالمكتب وسط ملفاته .

لا أحد فهم الحكاية حينها الا بعد تصريحات النقيب زيان وابنه المحامي علي زيان ، كانا يطالبان بنسخة الحكم واعتبرا أن التنفيذ تم خارج الإطار القانوني ، بعد ذلك فهم الجميع او لنقل الغالبية على أن الأمر يتعلق بتنفيذ حكم افراغ محل ، وهذا المحل يوجد به محامي، والمحامي طبعا مسؤول أمام زبنائه إن ضاعت أوراق ملفاتهم ، والآن بكل تأكيد وامام ما وقع ، سيسحب الزبناء ملفاتهم بعدما شاهدوا المشاهد الماساوية وأن أسرارهم يمكن أن ترمى في يوم من الايام في الشارع ، بجرة قلم ، إذن فالنقيب زيان في هذه الحالة تمت الإساءة إلى سمعته المهنية التي بناها لأزيد من خمسين سنة …

من المسؤول هنا ؟ هل القضاء الذي نطق بالحكم أم من قام بالتنفيذ ؟

من الطبيعي ان القضاء يحكم بما لديه من معطيات ، ومن الأكيد أن النقيب زيان ينبطح لأحكام القضاء لأنه رجل قانون ، وبالتالي فالمسؤولية هنا ليست قضائية بل في من جاء لتنفيذ الحكم ، إذ أن الحكم ليس فيه اسم محمد زيان وليس فيه ما يحيل ضمنيا على افراغ من يوجد في محل دافيد ، وبالتالي من اتى لتنفيذ الحكم كان عليه وبكل بساطة تحرير محضر بأنه وجد صعوبة في التنفيذ ولا يفرغ المحل نهائيا و بعد ذلك على طالب الدعوى إعادة دعواه في مواجهة الحائز الحالي الذي هو محمد زيان ، لكن حدث عكس ذلك ، وهنا سنفهم لماذا كان زيان يطالب المنفذ بنسخة من الحكم ، والأكثر من ذلك أن الحائز الحالي هو محامي، أي محمد زيان ، ومكتب أي محامي يجب قبل افراغه أن يتم ابلاغ النقيب من أجل الحضور ، ولا يتم التنفيذ الا بوجوده لأن هناك اسرار الناس ، واسرار الناس وملفاتهم ليست ألعوبة يستهان بها ، والمنفذ حينما وجد اليافطة “قدها قد الوطن ” كان عليه أن يقوم بكل ما سلف ذكره حتى لا تبقى المسؤولية على عاتقه ، وبسببه تمت الإساءة إلى رجال الأمن والى القضاء ، في حين أن القضاء حكم بالاوراق ولم يذكر اسم زيان بتاتا ، ورجال الامن حضروا لأن المنفذ طلب تسخير القوة العمومية لمرافقته وهذا أمر عادي جدا .

فهل عندما جاء المنفذ للمحل ووجد يافطة تدل على أنه محل محامي هل قام بإبلاغ النقيب ؟؟ لماذا تم تكسير الاقفال في البداية؟ هل تم اشعار من يوجد بالمحل عبر المكبر الصوتي ثلاث مرات قبل طرق الباب ، ليبلغوه بالافراغ ؟؟ لماذا لم يتم تسليم نسخة الحكم لمحمد زيان ؟؟

إن الأسئلة السالفة ، ينبغي الإجابة عنها والا سيفتح باب التأويل ونقول إن المنفذ تم تسخيره للإساءة لصورة البلاد حقوقيا ، لأننا في مرحلة جديدة عنوانها مغرب جديد ،فلماذا بالضبط تم تنفيذ هذا الحكم بالضبط قبل الاعلان عن الحكومة بأيام قليلة ؟ هل الامر يتعلق باستفزاز زيان للخروج بتصريحات تهاجم أخنوش ونحن نعلم الخلاف السياسي الذي بينهما أم هو تعمد في إهانة رجل دولة ؟

إن ما ينبغي على عقلاء هذا البلد هو الكف عن هذا التضييق ، لأن محمد زيان مهما بلغت درجة شراسته في معارضة بعض السياسات والاشخاص ، فإنه مخلص للعرش وللوطن وهذا يظهر من خلال تصريحاته ومواقفه التي قد نتفق معه او نختلف معه الأهم انها مواقف تتأسس على قناعته الخاصة ، لا يهم أن نتفق معه ، ولكن الاهم ان نحترمه ، اولا لسنه وثانيا لمكانته داخل الدولة فهو خدمها في الوقت التي كانت توجد فوق البركان، فلا يصح ان يكون جزاء الرجل مثل هاته الإهانات ، نختلف هذا طبيعي ، ولكن الوطن يجمعنا .

لن اتحدث في هذه السطور عن بيان هيئة المحامين بالرباط ولا عما كتبته جريدة الأحداث المغربية وجريدة الاخبار بناء على مصادرهما الخاصة ، ولكن أود أن أطرح سؤالا عن جميع رجال ونساء القانون، هل تنفيذ ذلك الحكم تم بالطرق القانونية المتعارف عليها ؟ هل ما يقع الآن لمحمد زيان هو وليد صدفة ؟ اعتقال ابنه ، نزع الحزب منه الذي هو مؤسسه،
توقيفه عن مزاولة المهنة ، متابعته جنحيا ، والآن افراغه من مكتبه ، هل هذه كلها تدخل في نطاق الصدفة ؟

يمكن ان تختلف مع محمد زيان في أي شيء ، لكن تجد نفسك مجبرا على احترامه لاخلاصه للوطن، فلو اراد لقام بمثل ما قام به بعض الخونة الذين هاجروا خارج المغرب وشرعوا في فتح افواههم ، تجد نفسك مجبرا على احترامه لأنه خدم الوطن بكل ما اوتي من قوة ، تجد نفسك مجبرا على احترامه لسنه الذي لم يعد يتحمل هكذا مضايقات ، بالرغم من انه يبدو قويا فمن الأكيد أن في داخله يشعر بالحسرة والغبن .

إننا فعلا نريد مغربا جديدا ، فلا شيء يمنع اي مسؤول من تقويم هذا الاعوجاج ، وفتح الحوار مع محمد زيان لينعم بالراحة فيما تبقى له من عمره ، فالعمر كالضوء المنفلت ، فليعمل العقلاء على توقيف المضايقات لأن الحوار يعتبر بداية صفحة جديدة فيها مصلحة للجميع والجميع هنا هو الوطن، مغرب جديد، سياسيا اقتصاديا وحقوقيا ..
نتمنى التوفيق للجميع ونهاية هذا المسلسل المأساوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *