
الأنباء بوست / حسن المولوع
في مشهد يكرس لمنطق العبودية ، يشبه الى حد ما مشاهد “كم جونغ أون” زعيم كوريا الشمالية ، خرج التجمعي هشام آيت مانة ابن ثري مدينة المحمدية ، في حملته الانتخابية ، متفاخرا بين الناس ونافخا صدره كالديك الذي يحسب أن الشمس لا تشرق الا بصياحه، من أجل أن يصوت عليه الناس في الانتخابات المقبلة التي ستجرى في الثامن من شتنبر من السنة الجارية .
وظهر ايت مانة عبر فيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يسير وسط موكب من حاشيته الذين كانوا يلبسون أقمصة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأسه عزيز أخنوش ، متوعد المغاربة بإعادة التربية لهم ، وكانت حاشيته خلال جولتهم الانتخابية رفقته، يصرخون في وجه الناس ” وسعو الطريق ، وسعو الطريق ” ، بينما هو كان مختالا فخورا يمشي مرحا وكأنه يريد أن يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا .
وأثناء دخوله للقصبة بالمحمدية ، تم استقباله بالورود والثمر والحليب والزغاريد ، وبحسب ما علمت به مصادر الأنباء بوست أن ذلك “تم بالتنسيق مع نسوة يقطن هناك ، من أجل خلق انطباع لدى ساكنة المحمدية بأن هشام محبوب من طرف الناس لدرجة أنهم استقبلوه بهكذا استقبال ، وأضافت المصادر ذاتها بأن ما تم القيام به ، لم تتم قراءته على أساس أن الناس يحبونه بل تمت قراءته على أنه قام باستعبادهم “، وما قام به هشام آيت مانة ، تضيف المصادر” يعد سابقة في تاريخ الانتخابات بالمغرب خصوصا بالمدن ، لأن أي وكيل لائحة عندما يقابل الناس فإنه يقابلهم على أساس اقناعهم ببرنامجه الانتخابي وليس من أجل التباهي والمسير بينهم كنجوم هوليود ، لأن الناس تريد التغيير في معيشهم اليومي اما “الصور المحروقة ” فلن تنفعها في شيء “على حد تعبير مصادرنا
وبسبب المشاكل التنظيمية التي غرق فيها هشام آيت مانة باعتباره منسقا إقليميا لحزب التجمع الوطني للأحرار بعمالة المحمدية ، ومرشحا باسمه في الانتخابات الجماعية والبرلمانية ، أقدم محمد الشباني المناضل البارز في صفوف حزب الحمامة على تقديم استقالته بصفته مرشحا ضمن اللائحة الجماعية وعضوا فاعلا بالحزب لما يزيد عن 19 سنة.
وعلل الشباني استقالته التي توصلنا بنسخة منها بكون أن هناك عدة مشاكل تنظيمية لم ترقه كمرشح وكأحد الأعضاء بحزب التجمع الوطني للأحرار ، ومن المرجح أن استقالة الشباني لها ارتباط بطريقة تدبير الحملة الانتخابية للفريق الذي يحيط بهشام آيت مانة ، وهو الفريق الذي أوحى إليه القيام بتلك الحملة المفضوحة التي أثارت سخط العديد من سكان مدينة المحمدية ، وباستقالة الشباني يتبين أن آيت مانة “ما مفاهمش حتى مع ديولو” فكيف له أن يتفاهم مع حلفائه من أحزاب مختلفة ويكون لديه معهم تطابق في الرؤى من أجل مصلحة المدينة .
وعقد هشام آيت مانة ندوة شبه صحفية لأنها ندوة بدون عنوان ، اليوم الأربعاء بمقر التنسيقية الإقليمية لحزب الحمامة ، أظهرته على أنه جاهل بالسياسة ولا يدري ما هو دور البرلماني ولا المجلس الجماعي ، فمثلا قال إن حزبه يريد انشاء صندوق للزكاة في حال تصدره للانتخابات ، بدعوى أن المغاربة مسلمون ويمنحون المال لله ، ولم ينتبه هشام أن ذلك لا علاقة له بالبرنامج الانتخابي وأن الفكرة التي طرحها يستحيل ان تتحقق على أرض الواقع لأن فيها منافسة لإمارة المؤمنين ، وكما هو معلوم أن إمارة المؤمنين هي سلطة دينية عبر التاريخ لا يمكن لأي حزب أن ينافسها في اختصاصاتها ، وهذا ما يبين الجهل المفضوح بالسياسة لهشام آيت مانة ، ولا يدري أن رجل السياسية يجب عليه انتقاء كلامه قبل أن يتكلم حتى لا يحسب عليه .
وكان الأجدر بهشام عندما أراد أن يزايد على المغاربة بكلامه ، أن يقول مثلا ،عندما نتصدر الانتخابات ستعرف أسعار البنزين انخفاضا غير مسبوق ، او أن يقول أن حزبه سيفرض على أصحاب المال إنشاء صندوق خاص يضعون فيه جزء من اموالهم ليستفيد منه فقراء المغرب ، او يقول مثلا عند سحب النقود من الشباك الالكتروني تؤدى عند كل عملية، درهم واحد عند كل سحب ، وهاته الدراهم يتم تحويلها لمساعدة الفقراء وبناء الجامعات والمستشفيات ، وهذه فكرة كان قد طرحها المرحوم هرم السلطة الرابعة الأستاذ خالد الجامعي رحمه الله تعالى .
هشام آيت مانة ذكر خلال شبه الندوة ، أنه إذا قامت الساكنة بالتصويت لصالح حزبه في المحمدية فإنه سيبني مستشفى ومحطة طرقية ، وهذا ما يظهر أن الرجل جاهل بدور البرلماني ، فهذا الأخير يترافع وسط البرلمان حول قضايا المواطن ، ذلك أن البرلمان يمارس دوراً تشريعيّاً ورقابياً ولأعضائه حق النظر في جميع المشاريع ومقترحات القوانين التي تحال عليهم، ومناقشتها والبت فيها بالتصويت إما بالقبول أو الرفض، و أيضا، حق التقدم بمقترحات قوانين في المجالات وفقا للضوابط التي حددها المشرع الدستوري ، وبالتالي فإن هشام بدأ في بيع الوهم منذ البداية وتجاهل أيضا أن المجلس البلدي الذي يترشح لاجله سيتشكل من تحالف بين الأحزاب بالمدينة ، وأن التشييد من اختصاص الحكومة ، والمستشفيات تدخل ضمن المشاريع الكبرى التي يشرف عليها الملك وأن غير هذا الكلام يعتبر من الوعود الانتخابية وأحلام اليقظة من أجل الحصول على أصوات انتخابية فقط
يعتقد هشام آيت مانة أن نجاحه في عالم المال والأعمال الذي منحه نجاحا في الرياضة ، يمكن أن يقوم بنفس الطريقة في عالم السياسة ، وهو الأمر الذي يكاد أن يكون شبه مستحيل ، لأن رجل السياسة يحتاج إلى مقومات تؤهله لذلك ، فأن تكون ناجحا في تسيير شركة ليس معناه أن تكون ناجحا في تسيير تنسيقية حزب ، وأن يكون الاب صالحا ليس معناه أن يكون الابن ايضا كذلك .
والد هشام آيت مانة مارس السياسة مع فطاحلة السياسة وليس كما يفعل ابنه الآن، فهو يمارسها مع “الدراري اللي عيخرجو عليه ” بكل تأكيد، والسياسة لا تمارس بكان أبي، وفي هذا السياق ، يقول الشاعر “لَيسَ الفَتى مَن يُقولُ كانَ أَبي ..إنَّ الفَتى مَن يُقولُ ها أَنا ذا “، فهشام هشام ، وأبوه أبوه ، ولكل زمن رجاله ولكل زمن سياسته ، والسياسة لا تورث، بل هي علم ومعرفة وثقافة ، وليست فهلوة او استعبادا للناس، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا !”
مدينة المحمدية تحتاج إلى أشاوس وفطاحلة السياسة ممن راكموا تجارب سياسية وليس من كدسوا الأموال بسواعد العمال ، وقضية عمال شركة كوفيرنيك شاهدة على ذلك ، وأنه لا يمكن أن يكون أي تغيير الا بأهل الفكر والثقافة .

شارك هذا المحتوى