الأنباء بوست / حسن المولوع
عندما استفاق العالم على هول وباء لم نشهد له مثيل ، يسمى وباء كورونا ، اصيبت الشعوب بالهلع والذهول ، فكان التعطش للأخبار وما زال ، يضاهي البحث عن الخلاص من هذا الوباء اللعين ، والشعب المغربي بمختلف مستوياته وتوجهاته وانتماءاته ، كانت وجهته إبان فترة الحجر الصحي الشامل للإعلام الرسمي ، وعيا منه أن الخبر الموثوق والمهنية لا يمكن أن توجد الا في اعلام مسؤول .
كان رواد مواقع التواصل الاجتماعي ينتظرون بترقب أخبار وكالة المغرب العربي للأنباء المعروفة اختصارا ب “لاماب” ، ويقومون بمشاركة كل الأخبار المتعلقة بالوباء ، وإذا ما ظهر خبر هنا او هناك عبر مواقع الكترونية، فإن اللازمة التي كانت تتكرر بين رواد الفضاء الأزرق هي :”إذا لم يصدر الخبر عن لاماب معناه أنه خبر زائف “.
كان وباء كورونا وفترة الحجر الصحي الشامل بمثابة اختبار لعلاقة الإعلام الرسمي مع المشاهد ، ومناسبة أيضا لبناء جسور المصالحة معه حتى لا ينزلق في غياهب الأخبار الزائفة ، لكن حصل أن بعض القنوات التلفزيونية لم تستثمر تلك المصالحة وتقوم على تطويرها ، لتخلف تلك القنوات الوعد ويتخلف المشاهد عن الموعد ويعود إلى سابق عهده ويبقى عرضة للأخبار الزائفة ، وحدها وكالة المغرب العربي للأنباء التي بقيت جسور مصالحتها ممتدة بينها وبين المشاهد عبر قصاصاتها الإخبارية وعبر قناتها التلفزيونية M24وإذاعتها Rimradio .
التقط الأستاذ خليل الهاشمي الادريسي المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء ، الإشارة ، فعمل على تطوير الوكالة باعتباره خبيرا في تطوير وسائل الإعلام منذ زمن ، ليركب سفينة المغامرة ومتسلحا بسلاح الإبداع لمواكبة التطور الإعلامي والوقوف كسد منيع أمام تسونامي ما يسمى بالإعلام البديل الذي ساهم في انتشاره خذلان بعض الموجودين ضمن تنظيم نقابي ميؤوس منه ، همهم الوحيد عبادة الدرهم عن طريق الريع ، أما المهنة فهي آخر همهم وتطويرها لا يوجد في تفكيرهم ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
استطاع خليل الهاشمي أن يحافظ على مكانة وهيبة وكالة المغرب العربي للأنباء ومصداقيتها ومهنيتها وتقديم الاخبار الرسمية ، وأخرجها من الجمود الذي ظلت راكنة إليه لسنوات طويلة لأنها كانت حبيسة تقاليد نمطية ، وجعلها تكون حاضرة بشكل قوي على مواقع التواصل الاجتماعي عبر تأسيس قناة تلفزيونية واذاعة ، تابعتان لها ، لوعيه بقوة ونفاذ هذا الجهاز إلى عقول وقلوب المغاربة ، فهو لم ينزلق إلى لازمة “الجمهور عاوز كدة ” ويقلب المعادلة كما قلبتها بعض القنوات التلفزيونية وأنشأت مواقع إلكترونية ، بل قام بإبداع قناة إخبارية لها مستقبل يبشر على أنه سيضاهي القنوات العالمية ، فبحكم خبرته الإعلامية فإنه يعرف قيمة التلفزيون وحتى الإذاعة في ذهنية المغاربة ، لأن الملايين من ذوي التعليم المحدود في البوادي وبعض الحواضر مصدرهم الرئيسي للأخبار الوطنية هي القنوات الوطنية نفسها، وهذه الشريحة يجب أن ترى الملك، يوميّاً، في بداية كل نشرة أخبار ، وهذا ما نلاحظه يوميا عند كل نشرة إخبارية على قناة M24 ، فحضور رئيس الدولة في الإعلام بشكل مستمر مهم جدا ولا يعرف هذه القواعد بطبيعة الحال الا كل من درس الإعلام والعلوم السياسية ، فما اصبحنا نراه للأسف الشديد عبر قنواتنا للأسف، غير الرقص والنقص بشكل كثير (…)، في الوقت الذي كان لزاما على القنوات أن تحدث ثورة داخلها بإبداع ما يجعل المشاهد يتعلق بها لا ان تنتج ما يجعله ينفر منها .
الإعلام الرسمي يتحرك ، تلك هي القاعدة التي على ما يبدو أن خليل الهاشمي ماض في بلورتها على أرض الواقع ، عبر انتاج اخبار وبرامج تلفزيونية لم يألفها الجمهور المغربي الا في شاشات الغرب ، وهي استراتيجية يسعى المدير العام للاماب الى تجسيدها عن طريق قناة استوت جسدا وروحا بمعايير عالمية .
يبدو أن خليل الهاشمي عازم على نفخ روح إبداعية داخل القناة بنقل حياة الناس وقضاياهم عبر كاميراتها ، وتغطية الأحداث الكبرى ليكتشف المشاهد الرواية الأخرى التي لم يألفها من ذي قبل، كما أنه عازم ربما على جعل القناة كسلاح يتصدى للهجمات الإعلامية الممولة من الخارج وترسيخ قيم المواطنة وإنشاء جيل يؤمن بها فضلا عن قيم التسامح والتعايش ، وهذا هو دور الاعلام المؤسس على الاخبار والتثقيف والتوجيه .
من المعلوم أن التدافع والتنافس سنة الله في خلقه ، فالتوق الانساني شعاره التطور والتغيير ، والتطور الذي يشرف عليه خليل الهاشمي الادريسي بوكالة المغرب العربي للأنباء ، من اساسياته خدمة المعنى وليس تطورا عابرا بإبهار ، يخطف العين لحظة ، بروح خاوية ، بل هو تلازم وتكامل يرافق المشاهد والمتابع لساعات متواصلة من خدمات إخبارية فريدة ، شعارها الإنسان ، معه وله ومنه ، والمهنية تبقى خطا أحمرا ، والثوابت دائما تظل على حالها لا تتبدل ولا تتغير .
كل صنعة يختلف الناس حولها ، وفي كل أحوالها مثيرة للانتباه ، وليست قناة M24 مثالية ، لكنها فريدة بمعايير عالية ، ستكون من دون شك صوتا لمن لا صوت له ، أما الذين عجزوا عن التطور والإبداع ستكون مرآة لهم ليروا من خلالها حقيقتهم وصورتهم .
شارك هذا المحتوى