كفاكم ظلما لحنان رحاب فإنها أنثى تخطئ وتصيب

الأنباء بوست / حسن المولوع 

كنت عازفا عن الخوض مع الخائضين في مقطع الفيديو المتعلق بالمثيرة للجدل، حنان رحاب القيادية بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهي تدلي بتصريح زَلَّ فيه لسانها لأحد الميكروفونات التابعة لموقع إلكتروني ، إدراكا مني بعدم جدوى ذلك الخوض غير المجدي. وعلما مني بأن هناك ما هو أهم من السخرية والتهكم على زلة لسان . وقناعة مني بأن المناخ السياسي يحتاج إلى النقاش الهادف والرصين لا الخوض في سفاسف الأمور و إلى التنمر البئيس على الناس ، كنت عازفا عن ذلك ، إلى أن وقعت على تدوينات مستفزة من “طائشين وطائشات” مصحوبة بمقطع فيديو مجتزأ من تصريح لها قالت فيه في معرض حديثها وهي تتوجه بالخطاب لاشخاص لم ترد ذكرهم بالاسم ، قائلة هكذا ” فرد او فردة ، شخص أو شخصة ” ، وما كان لهذا المقطع إلا أن ينتشر كالنار في الهشيم من طرف قبيلة “بني فايسبوك”، فقررت أن أُجمِل ردا هادئا ومنه طرح نقاش رصين وإبداء رأي بسيط في الموضوع ، عساه يكون سكة يمر عبرها قطار المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، الذي وبسببه كان تصريح حنان رحاب لذلك الميكروفون الالكتروني .

إن الذين قاموا ويقومون بترويج ذلك المقطع من الفيديو المجتزأ ويرفقوه بعبارات التهكم الذميم والتنمر المنحط، قد بلغوا درجة متقدمة من قلة العقل ، خصوصا أولئك الذين يتقاسمون معها الانتماء الحزبي نفسه، والفكر الإشتراكي المبني جوهره على النقاش والتدافع الفكري وليس “الخبزي”، وهنا لا بد من الوقوف وقفة المتأمل الحائر ، لطرح سؤال حول الذات الحزبية وما أصابها من قصور ، وانهيار في القيم والمبادئ والاخلاق السياسية المرتكزة على التنافس الراقي دون الضرب تحت الحزام ومحاولة النيل من الآخر بأتفه الاشياء ، في محاولة يائسة لتنفيس الكربات ، فأن يتم ترويج مقطع الفيديو من طرف عامة الناس ،فهذا أمر يدخل في خانة العادي لأن العوام أضحوا يسخرون بسخرية سوداء من كل ما له علاقة بالسياسة ، الغير عادي هو ان تجد من له قدر يسير أو كثير من العلم والثقافة ، أو لهم مشترك فكري مع حنان رحاب ويقومون بترويج ذلك المقطع ، لا لشيء إلا لأنهم اختلفوا او يختلفون معها في محطة من المحطات او موقف من المواقف ، اعتقادا منهم أن ذلك سيكون وسيلة للنيل منها أو ثنيها على ما هي ماضية فيه .

لا أريد في هذا المقام أن أدخل في نقاش حول مسؤولية حامل الميكروفون ، لأنه هو المسؤول الاول والأخير ، إذ أنه قبل نشر الفيديو كان عليه حذف تلك العبارة ، لأن من عادة أي ضيف أن يَزِلَّ لسانه، ولا ينتبه الى الزلل سوى الصحافي عندما يقوم “بالمونتاج ” ، والغريب في الأمر أن من روجوا لذلك المقطع لم يعطوا لانفسهم فرصة الاطلاع على التصريح بأكمله بدليل نسبة المشاهدات المنخفضة جدا مقارنة مع المقطع المجتزأ الذي ارتفعت نسبة مشاهداته ، ما يعني أن الناس تحب ترويج ما لا يفيد .

وبالنظر إلى الفيديو بأكمله نجد أن التصريح الذي أدلت به حنان رحاب كان كله بالدارجة المغربية ، ما يفيد أن الخلط بين اللسان الفصيح والعامي أمر وارد وعادي ، وليس فيه أي غرابة، ففي أحاديثنا اليومية نقول “بنادمة ” كتأنيث لبنادم ، ونقول إنسانة كتأنيث لانسان ، وانسانة لا وجود لها باللغة العربية الفصحى ومع ذلك نجدها في نصوص مختلفة ، وعندما كانت تتحدث رحاب بالدارجة وقد كان هناك انفعال باديا عليها ، قامت بتأنيث فرد وذكرت فردة ، وتأنيث شخص وذكرت “شخصة” ، وكلنا نتعرض لأكثر من هذا الزلل الذي يدخل في إطار المستملحات ، وقليلوا العقل هم من يتخذونه فرصة لتصفية الحسابات ، وتصويب مدافع التدمير “حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ ”

كان على كل ذي عقل سليم مراعاة الظرفية بدل التهكم والسخرية ، فأن تتحدث أنثى بانفعال ، هذا يعني ربما أن هناك شيء مرتبط بالهرمونات التي تتغير عند كل أنثى في الكون عند كل شهر ، وهذا أمر طبيعي لا يمكن تحميله أكثر مما يحتمل .

ذكرتني هذه الزوبعة الفارغة ، أيام اتهموها بأنها وصفت الشعب بالقطيع خلال حملة المقاطعة ، وهو أمر بعيد عن الواقع وقد نفته حنان في وقتها ، على اعتبار أن ذلك كان مجرد خطأ في الرقن وتداركته، لكن ورغم تدارك الخطأ طبق عليها من في قلوبهم مرض، الحد المعنوي عليها ، وقالوا بلسان واحد “ولو طارت معزة ” ، وشَنُّوا عليها حملة واسعة النطاق ، لا لشيء إلا لأنها برلمانية كانت تحرج وزراء العدالة والتنمية بمداخلتها ، فوجدوها فرصة لتسليط الجيش الالكتروني عليها واتهامها بأنها وصفت الشعب بالقطيع ، ولو كنا في عهد السيبة لوجدت نفسها في عداد القتلى ، لأن التحريض عليها كان بشكل خبيث وخطير ، دون أدنى مراعاة لمشاعرها كأنثى ، فصبرت واحتسبت حتى مرت الزوبعة بسلام ، ومرت السنوات واكتشفنا فعلا بأننا كنا كالقطيع ، انخرطنا في حملة المقاطعة اعتقادا منا اننا سننال من صاحب شركات المنتوجات التي قاطعناها ، فما كان الا أن ارتفعت أرصدته البنكية ، واصبح رئيسا لحكومة التغول التي تريد تربيتنا ، ومازالت الاسعار ترتفع يوما عن يوم ، وواهم من يعتقد أن باستطاعته ارجاع حملة المقاطعة ، لأن تلك الحملة تم تحريكها من وراء حجاب لغاية في نفس من حركها ،وبالفعل كنا مجرد قطيع ، سيق إلى حيث أراد من خلقها.

نتذكر في هذا الصدد أيضا ، عندما نزعت حنان رحاب سترتها وسط البرلمان احتجاجا على أحد النواب البرلمانيين بأن يسحب كلمته التي أساء من خلالها للنساء ، فتم ترويج ذلك المقطع لأن السياق كان هو اقتراب موعد الانتخابات ، فعمد الضعفاء الى ترويج المقطع بخبث ، وهنا نستنتج أن حنان رحاب أضحت كالاسطورة يتم محاربتها من كل الجهات ، وفي كل حرب تزداد قوة ، وهذا شيء ايجابي وجميل .

التهجم على حنان رحاب البرلمانية حينها كان هدفه تصفية الحسابات من طرف خصوم من حزب سياسي آخر ، والتهجم عليها الآن هو لنفس السبب لكن السياق يختلف ، فهذه المرة الهجوم عليها ممن تشاركهم نفس الانتماء الحزبي ، لكون أن المحطة الحالية هي المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، ولها مواقف شرسة ، تدافع من خلالها على بقاء إدريس لشكر لولاية ثالثة ، وهو موقف قابل للنقاش ، لكن هناك من لا يريد النقاش ويتخذ من الضرب تحت الحزام أداة لتصفية الحسابات ، وهذا الامر لا يستقيم في حزب بنبركة وبوعبيد .

إن الحزب عبارة عن وطن صغير ، إذ ورغم الاختلاف، فذلك الوطن الذي هو الحزب يوحد الجميع على كلمة سواء ، خدمة للوطن الكبير الذي هو المغرب ، ذلك ، أن صراعات من هذا النوع لا يمكن أن تحقق أي نتيجة ، وأصل الصراع وحقيقته ، ليس في إدريس لشكر أن يستمر في قيادة الحزب أو لا يستمر ، بل هو صراع بين سيدتين ، السيدة حنان رحاب والسيدة حسناء أبو زيد ، من بعد أن نزغ الشيطان بينهما ، وقد حان الوقت لتعود صداقتهما كما كانت ، فكل واحدة منهما تُعتبر أمينة سر الاخرى ، وكل واحدة منهما لها مكانة داخل الحزب وداخل المجتمع بأكمله ، أي أنهما تكملان بعضهما ، والمغرب محتاج إليهما كقوة موحدة، لا كقوة متفرقة ، كل واحدة لها فريق ، وفي النهاية مصلحة الحزب تضيع في صراعات كان من الممكن تجاوزها بمكالمة هاتفية او جلسة عائلية ، وهي دعوة إلى حكماء الحزب أن يقوموا بهذا الدور قبل انطلاق أشغال المؤتمر الوطني ، فما الذي يمنع من أن يكون هذا المؤتمر توافقيا ، ويتم الجلوس على الطاولة للتوافق؟ ما الذي يمنع إدريس لشكر من التصالح مع حسناء ويستمع إلى صوت عقله لا إلى ما يقال له في أذنيه ؟ فلا يمكن لأحد أن ينكر التاريخ النضالي والمهني لإدريس لشكر ، لذلك واحتراما لتاريخه ، فالجلوس على الطاولة عبر حكماء الحزب هو الحل ، ليكون الحزب أنموذجا ، خصوصا وأنه في صفوف المعارضة ، ولقد رأينا اليوم حُكْم المحكمة برفض جميع الطلبات ، وهذا كان متوقعا لأن السياسة أحيانا تغلب على القانون ، فلو تم قبولها لكانت كارثة ما بعدها كارثة وتأجيل المؤتمر يعني شرعنة لحكومة التغول وتركها تعبث بمصائر الشعب .

لا يختلف إثنان في كون أن حنان رحاب صالحة لكل زمان ومكان ، أي أن مكانها في المكتب السياسي بشكل دائم كيفما كانت القيادة ، لأنها واجهة إعلامية للحزب ، ولقد رأينا كيف تحول الإعلام المهاجم لإدريس لشكر في صفه ، وهذه نقطة تحسب لها ، ولقد رأينا أيضا كيف أن حنان تخرج بوجه مكشوف دفاعا عن إدريس لشكر وبوضوح ، بخلاف من تواروا عن الانظار ، تطبيقا لقاعدة ” رجل هنا ورجل هناك ” ، وهذا يعبر عن مدى الاخلاص والوفاء للشكر ، لأن المواقف يجب أن تكون بوضوح .

دعونا من موقف حنان رحاب بخصوص بقاء إدريس لشكر ، ولنركز على موضوع المصالحة ، أليس حريا اليوم ان تكون هناك مصالحة حقيقية مثل التي أطلقها إدريس لشكر في وقت سابق ويكون المؤتمر مناسبة لها ؟ لماذا سيستمر العداء والصراع؟ لماذا لا تطوى الصفحة؟ فمثلا لماذا لا نسمع عن مصالحة بين الدكتورة شريفة لموير و الأستاذة حنان رحاب ؟ فحسب ما نعلمه أنهما كانت لهما صداقة مثينة ، لماذا لا نرى مصالحة بين السيدة حبيبة الديواني وحنان رحاب ؟ فحسب ما نعلمه أن صداقتهما كانت أكثر من مثينة، أما الحكيمة مليكة طيطان فهي دائما تعتبر أن حنان مثل ابنتها وحنان دائما تتحدث عنها كما لو انها تتحدث عن والدتها .

إن اختيار كل واحدة نظرتها للأشياء لا يمكن أن يجعل منهن ادوات للصراع النسوي ، والتلذذ بالتنمر والاساءة لشابة خرجت من رحم الشعب ذنبها الوحيد أن لها وجهة نظر مختلفة ، ووجهة نظرها كان من الممكن أن يتم نقاشها بهدوء بعيدا عن الشخصنة ، ففي النهاية هناك انتماء حزبي يجمعهن ، وحان الوقت لتدارك الأمور لتعود الأمور إلى نصابها ، سواء في هذا الجانب او في الشق المتعلق بالمؤتمر الوطني، ليمر بشكل توافقي ، فالحزب اليوم في المعارضة ، وهو مسؤول أمام الشعب للدفاع عنه، قبل مسؤوليته الداخلية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *