
الأنباء بوست
يبدو أن بعض الأحياء في الدار البيضاء محكوم عليها أن تبقى خارج دوائر الاهتمام، مهما ارتفعت صرخات سكانها، ومهما تعاظمت المخاطر المحدقة بهم. حي لافيليت، الواقع بمحاذاة محطة الترامواي، نموذج صارخ لهذا الإهمال المزمن الذي لم يعد مجرد تقصير إداري، بل استهتار بأمن الناس وصحتهم وحقهم في العيش بسلام.
في قلب الحي يتجول مختل عقلي، تنهش جسده أعراض مرض جلدي خطير يشبه الجُدَري، دون أن يحرّك المسؤولون ساكنا. فالرجل بات مصدر رعب يومي، يتفاداه المارة وكأنه وباء متنقل، بينما السلطات المحلية تتعامل مع الموضوع وكأنه أمر عابر لا يستحق التدخل. أليس من واجبها إحالة مثل هذه الحالات على المستشفى، حماية له أولا، ثم حماية للمواطنين ثانيا؟
المأساة لا تقف عند هذا الحد، إذ يواجه السكان أيضا انفلاتا من نوع آخر فهناك مجموعات من المهاجرين الأفارقة تنتشر بشكل عشوائي في محيط المحطة، لتتحول المنطقة إلى فضاء يسوده شعور متنامٍ بفقدان الأمن. لا يتعلق الأمر هنا بالعنصرية أو التحامل، بل بحقيقة ميدانية يعيشها سكان الحي كل يوم: خوف، فوضى، ولا مبالاة رسمية.
الحي المحمدي، الذي يفترض أن يكون قلبا نابضا بتاريخ النضال في الدار البيضاء، يجد نفسه اليوم شاهدا على انهيار صورته وهيبته، تحت أعين سلطات لا ترى أبعد من مكاتبها الوثيرة. فهل يعقل أن يظل حي لافيليت، وهو جزء من عمالة عين السبع – الحي المحمدي – سيدي البرنوصي، رهينة هذا التجاهل؟
السؤال الذي يفرض نفسه: أين هو دور رجال السلطة المحلية الذين يفترض أنهم العين الساهرة على أمن الناس؟ أين هي مصالح الصحة العمومية التي يفترض أنها تلاحق مثل هذه الحالات قبل أن تتحول إلى كارثة؟ أم أن حياة المواطنين صارت مجرد تفصيل لا يستحق الالتفات؟
سكان لافيليت لا يطلبون المستحيل. إنهم فقط يريدون الحد الأدنى: أن يشعروا بالأمان في حيّهم، وأن تتصرف السلطات باعتبارها مؤسسات مسؤولة، لا مجرد أشباح تختفي عند أول نداء استغاثة.
وفي انتظار أن تستيقظ الضمائر الرسمية من سباتها، سيبقى لافيليت شاهدا على مأساة مدينة تُدار بعقلية الإهمال، وكأن المواطن مجرد كائن فائض عن الحاجة.

شارك هذا المحتوى